نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"الربيع"
وعشق
فريد
المبكر - بلس 48, اليوم الثلاثاء 15 أبريل 2025 05:25 مساءً
وذات يوم عرض فيلم لـ "فريد" اسمه " عفريتة هانم " الحقيقة كان الفيلم ده هو السبب الذى جعلنى انظر لفريد نظرة جديدة ، فقد كان اداءه الكوميدى لافتا ، كما أن ولعى بعالم الروحانيات منذ طفولتي جذبني لقصة "العفريتة " وكنت احب بشدة ظهور العفريت الطيب ذو اللحية البيضاء والجلباب الأبيض الذى كان يمثل العفريت الطيب حارس سمسمة " سامية جمال " وفى هذا الفيلم قدم فريد وسامية استعراضا مذهلا شمل شهور السنة ، وكانت النقلات بين الفصول باستعراضات مبهرة ، الغريب ان اكثر فصل علق بذهنى هو فصل الربيع " وكانت الراقصات الاجنبيات وقليلات مصريات يقمن بأداء يشبه ورود تتفتح ، ومنذ رأيت هذا الفيلم واصبح فريد الاطرش أحد الفنانين المفضلين ولم أعد أعارك أبي وأمى اذا ما جاء فيلم لفريد ، بل استمتع بمشاهدته معهم وحفظت كل أفلامه وعشقت أغنياته ، ولم يعد فريد مجرد مطرب أستمع إليه، بل هو رفيق شعور، وصوت يسكن الذاكرة والوجدان ، في عزف عوده أجد ما يعجز الكلام عن قوله، وفي صوته المكسور بالشجن، أسمع صدى قلبي حين يشتاق ، أغنياته ليست فقط لحناً وكلمات، بل رسائل روحية تشبهني وارتبطت اغنية الربيع داخلي بذكريات طويلة جمعتنى بعائلتي وخاصة في شم النسيم ، و كل مرة أستمع فيها إلى "الربيع"، أشعر وكأن شيئًا من روحي يتفتح من جديد، فريد بالنسبة لي، ليس ماضيًا فنيًا بل حضور دائم،رفيق درب في كل لحظة صفاء، وأنيس حزين حين يطول الليل.
المدهش أنني عندما كبرت اكتشفت أن ابي كان هو المستشار الفنى لـ "جمعية محبى فريد الاطرش" وفى احدى حفلات الجمعية اسمتعت له وهو يحكي حكاية اغنية "الربيع " وكيف انه كان من المفترض ان تغنيها ام كلثوم وكيف وصلت لـ"فريد " ..
في عام 1947، كتب الشاعر مأمون الشناوي كلمات أغنية جديدة، وقرر أن يذهب بها إلى كوكب الشرق أم كلثوم. كان اللقاء المرتقب هو بداية لتعاون طالما حلم به، خاصةً وأن الشناوي كان قد تجاوز مرحلة البدايات وبدأ اسمه يلمع في سماء الشعر الغنائي ، جلس معها، وعرض عليها الكلمات التي أُعجبت بها كثيرًا. لكنها، وكعادتها، طلبت إجراء العديد من التعديلات.
خرج الشناوي من منزلها مهمومًا، يحمل في قلبه خيبة أمل كبيرة. ولسوء أو لحسن الحظ، مرّ في طريقه على صديقه الفنان فريد الأطرش، الذي كان يسكن بالقرب من أم كلثوم.
"آدى الربيع رجع من تاني، والبدر هلت أنواره..
وفين حبيبي اللي رماني من جنة الحب لناره؟"
استمع الأطرش لكلمات الأغنية، وما إن انتهى الشناوي من قراءتها، حتى قال بحسم: "دي أغنيتي!"، وأخذها فورًا، وقام بتلحينها بصوته وعوده، لتصبح لاحقًا واحدة من أشهر أغنياته على الإطلاق.
وكان فريد حريصًا على غنائها كل عام في حفلات الربيع، تلك التي كان يتنافس فيها مع العندليب عبدالحليم حافظ على قلوب الجماهير.
"أيام رضاه يا زماني هاتها، وخد عمري..
واللي راعيته رماني، فاتني، وشغل فكري."
واستعان فريد بالاغنية في مشهد خالد من فيلم "عفريته هانم" ، حيث أبدعت سامية جمال في أدائها، لتصبح الأغنية أيقونة سمعية وبصرية لفصل الربيع بكل ما يحمله من تجدد ومفارقات.
"كان النسيم غنوة.. النيل يغنيها
وميته الحلوة.. تفضل تعيد فيها"
ورغم النجاح المدوي، تأجل تعاون الشناوي وأم كلثوم لسنوات طويلة. وعندما عادا للتعاون، قدّم لها كلمات أخرى شهيرة، مثل:"أنساك"، "كل ليلة وكل يوم"، "بعيد عنك"، من ألحان بليغ حمدي، و"مرت الأيام" من ألحان محمد عبدالوهاب.
"لمين بتضحك يا صيف لياليك وأيامك؟
كان لي في عهدك أليف عاهدني قدامك"
وكانت المفارقة أن الأغنية التي رفضتها أم كلثوم أصبحت واحدة من أنجح أغاني فريد الأطرش، وظل يشدو بها حتى رحيله عام 1974.
"مر الخريف بعده؛ دبّل زهور الغرام
والدنيا من بعده! هوان ويأس وآلام.."
وفي عام 1970، شهدت الأغنية لحظة بعثٍ جديد، عندما غناها فريد في حفل بالقاهرة، فاشتعل المسرح بالتصفيق، وكأن الجمهور يسمعها لأول مرة.
كان فريد يبدأها بعزف منفرد على العود، الآلة التي أتقنها لدرجة اعتبره كثيرون من أفضل من عزف عليها.
"وآدى الشتا يا طول لياليه
على اللي فاته حبيبه"
بعد رحيل فريد بعامين، ظهر العندليب عبدالحليم حافظ في برنامج "أوتوغراف"، وسأله الإعلامي طارق حبيب عن أغنية تمنى غنائها من أعمال الموسيقار الراحل، فأجاب دون تردد:"أغنية الربيع... كلمات مأمون الشناوي ثم أضاف بندم واضح: "نادم على عدم غنائي للأستاذ فريد."
"يا ليل يا بدر يا إنسان يا طير يا زهر يا أغصان..
هاتوا لي من الحبيب كلمة تواسي العاشق الحيران.."
وهكذا، لم تكن "الربيع" مجرد أغنية، بل كانت قصة حب وفن وندم، قصة طريق غير متوقع سلكته الكلمات، لتصل إلى صوتٍ آخر، لكنها مع ذلك، لم تفقد أبدًا بريقها.
"آدى الربيع رجع من تاني والبدر هلت أنواره..
وفين حبيبي اللي رماني من جنة الحب لناره..؟!"
اهداء للكاتب الكبير الراحل زكى مصطفي
يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل
0 تعليق